للطفل في الشرائع السماوية مكانة محفوفة باللطف ، والرعاية ، فهي تستثنيه من التكاليف التي لا تمس حقوق المكلفين كما توجه أبنائها إلى الإهتمام بتوجيهه ، وتربيته وله حقوقه الثابتة فيها ، ويستطيع معرفتها كل من يراجع الكتب السماوية ، ولا سيما القرآن الكريم ، والسنة النبوية . ولا تحتاج معرفة سبب هذا الإهتمام إلى دراسة ، وتفكير . فأهمية الطفل في المجتمع الإنساني العام واضحة تماماً ، فهو اللبنة المقومة لبناء المجتمع . والعناية به عناية بالبناء نفسه.
وبما أن الطفل في عالمه الطفولي لا يتمكن من تربية نفسه وتوجيهها إلى صالحه ، وصالح مجتمعه لذلك نرى العناية الإلهية تولي هذه الناحية الإهتمام الوافر ، فتوجد في نفس الأبوين عاطفة جياشة تشدهما شداً وثيقاً إلى الطفل من اللحظات الأولى التي تبدأ فيها مسيرته التكوينية ، فعواطف الأبوين هي المادة الحيوية في توجيه حياة الطفل ، وتقويمها .
وفي سبيل تنمية هذه العواطف ، وتصعيدها نرى الرسول الاكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) يخاطب زوجته أم سلمه قائلاً :
« إذا حملت المرأة كانت بمنزلة الصائم . القائم . المجاهد بنفسه وماله في سبيل الله ، فإذا وضعت كان لها من الأجر ما لا يدري أحد ما هو لعِظَمه ، فإذا أرضعت كان لها بكل مصةٍ كعدل عتق محررٍ من ولد إسماعيل ، فاذا فرغت من رضاعه ضرب ملك كريم على جنبها وقال :
إستأنفي العمل فقد غفر لك »(1).
لقد تناول الحديث الشريف مرحلتين من أهم المراحل التي يمر بها الوليد ، وهما :
مرحلة الحمل ، ومرحلة التغذية في دورها الرضاعي . وعلى هاتين القاعدتين تبتني الحياة.
ويأتي التشويق للمحافظة على الجنين في المرحلة الاولى في أروع صورة عندما يقول النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا حملت المرأه كانت بمنزلة الصائم القائم المجاهد » .
لقد منح الحديث المرأة الحامل ثواب :
1 ـ الصائم .
2 ـ القائم : وهو الذي يقضي وقته بالعبادة لله سبحانه.
3 ـ المجاهد: ولم يحدد الحديث الجهاد ، بل كان مطلقاً يشمل الجهاد على الصعيدين : بالنفس ، وبالمال في سبيل الله.
وثواب هؤلاء : طفحت ببيانه كتب الحديث من جميع المذاهب فأسهبت في تقديره.
كل ذلك تناله المرأة الحامل ، ولكن لماذا كانت موضع عناية الله في الحصول على كل هذا الثواب ؟
فهل قضت تلك المرأة أيامها صائمة ؟.
أو هل اتعبت بدنها بالعبادة المتواصلة ؟.
أو هل ضربت بسيف في معركة جهادية مع الكفار ؟.
____________
(1) ـ وسائل الشيعة : حديث (1) من الباب (67) من أبواب أحكام الأولاد.
أو هل أنفقت من مالها إلى الفقراء ، والمعوزين لتنال بواحدٍ من هذه الأمور ، أو بأكثر كل هذا الثواب ؟.
ويأتي الجواب عقب هذه التساؤلات بكلمة (لا) . .
وإذا فلماذا نالت المرأة كل ذلك ؟.
ونتلمس الجواب واضحاً من خلال الحديث نفسه في قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : « إذا حملت المرأة» الخ . . .
فالحمل : هو السبب في نيلها هذه الدرجات الرفيعة . وأي إمرأة لا تحافظ على حملها إذا كان الأجر بهذا النوع من العطاء الجزل من الله سبحانه ؟.
أما في المرحلة الثانية : وهي المرحلة المتعقبة للولادة فنرى الحديث يشوق الأم لتغذية الطفل وضمه إلى صدرها بأن يمنحها بكل مصةٍ من ثديها ثواب عتق رقبة مؤمنة . وأخيراً يختتم الحديث بأن يزف إلى تلك الام المرعضة البشرى الكبرى بأنه بانتهاء عملية الرضاع لكل وجبة غذاء يقول لها ملك كريم : « إستأنفي العمل فقد غفر لك ».
بهذا الأسلوب الرقيق جاءت الشريعة لتحث الوالدة لتتولى بنفسها تغذية الولد في أدواره الاولى من هذه الحياة .
تسلميييييييين ع المعلومات اليديده,,
اسلام اليوم اسم الموقع