اليوم تنتقلين إلى يدين غريبتين , فى هذه الليلة سيظللك سقف غريب فى بيت رجل غريب
فى هذه الليلة سأقف فوق سريرك النظيف فى بيتى فأجده خاليا من ثنايا شعرك الأسود الذى
يفوح منه عطر الطهارة فوق وسادتك البيضاء. وقد تنهمر الدموع من عينى لأول مرة فى
حياتى ، فاليوم يغيب عن عينىّ وجه ابنتى ، ليشرق فى بيت الرجل الغريب الذى لا أعرفه
حق المعرفة خيره من شره. اليوم ينتقل شعورى وتنتقل أحاسيسى إلى أهل أمك يوم سلمونى
ابنتهم وهم يذرفون الدموع ؛ كنت أظنها دموع الفرح أو دموع تقاليد أهل العروس ، و لم
أعرف إلا اليوم أن ما كان ينتابهم ,هو نفس ما ينتابنى الآن ، و أن ما يعذبنى هذه الساعة كان
يعذبهم ، وأن انقباض قلبى فى هذه اللحظة و أنا أسلمك إلى رجل غريب كان يداهمهم أيضا.
وصدقينى يا بنيتى إنه لو كان لى ، يوم تزوجت أمك ، شعور الأب ، لأفنيت عمرى فى إسعادها
كما أحب أن يفنى زوجك عمره فى سبيل إسعادك. ابنتى . . . فى هذه اللحظة أندم على كل
لحظة مضت ضايقت أمك فيها . . اليوم أجاوز الحاضر و أجابه المستقبل وأتمثلك واقفة أمامى
تقولين : فماذا أفعل ؟أسأل الله ألا ينتقم منى بك ، و الله غفور رحيم . والآن . . دعينى أضع
أمام عينيك الحلوتين بعض النقاط التى يحسب الرجل أنها توفر له السعادة فى بيته الزوجى
الرجل _ يا صغيرتى _ يحب الأمجاد و يتظاهر بالثراء و النجاح حتى و لو لم يكن ثريا قط،
فلا تحطمى فيه هذه المظاهر بل وجهيها بحكمتك و لطفك و حسن تصرفك والرجل يا _ فلذة
كبدى _ يفاخر دائما بأن زوجته تحبه ، فاحرصى على إظهار حبك أمام أهله بصفة خاصة .
والرجل _ يا قرة عينى _يفخر أمام أهله بأنه قد انتقى زوجة تحبهم و تكرمهم ، فاكرمى أهل
زوجك ، و استقبليهم أحسن استقبال . و بعد . . يا بنيتى . . إذا ثار زوجك فاحتضنى ثورته
بهدوء ، و إذا أخطأ داوى خطأه بالصبر ، و إذا ضاقت به الأيام فليتسع صدرك لتسعفيه على
النهوض . .و لا تنسى _ يا عمرى _ أنك إكليل لزوجك ،بيدك أن يكون مرصعا بالدر والياقوت
على هامته ، أو أن يكون من الشوك يدمى رأسه و رأس أبيك ، إن لم تحافظى على شرفك له
دون سواه . بنيتى . . كونى له أرضا مطيعة يكن لك سماء ، و كونى له مهادا يكن لك عمادا
واحفظى سمعه و عينه فلا يشم منك إلا طيبا ولا يسمع منك إلا حسنا و لا ينظر إلا جميلا . .
وكونى كما نظم شاعر لزوجته قائلا :
خذى منى العفو تستديمى مودتى ….ولاتنطقى فى ثورتى حين أغضب
ولاتكثرى الشكوى فتذهب بالهوى. ….. فيأباك قلبى والقلوب تقلــب
وأخيرا أسأل ربى أن يرعاك برضاه و أن يستقر لكما كل حبى .
" والدك"