الأخت الفاضلة/ أخت لكم في الله حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
هنالك ثلاث حقائق مهمة، إذا داومت على استحضارها فإنها ستكون كفيلة – بإذن الله تعالى – لبعثك على التغيير مما أنت فيه.
أول هذه الحقائق أيتها الاخت الكريمة: أن تكوني دائمًا متيقنة أن الله عز وجل لطيف بعباده، وأنه سبحانه وتعالى رحيم بهم، وأنه أرحم بك من أمك، بل ومن نفسك، ومن ثم فما يقضيه الله عز وجل للإنسان من عطاء أو منع فإنما هو مقتضى الحكمة الإلهية، وهو مقتضى اللطف والرحمة، وليس بالضرورة أن يقضي الله عز وجل لنا ما نريده نحن ونتمناه، فربما كان الخير لنا في خلاف ما نتمناه، وهذه هي الحقيقة الثانية، فإن الله عز وجل يقول في كتابه الكريم: {وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون}.
فنحن لا نعلم كل ما يصلحنا، وقد نتمنى الشيء ونحرص عليه لظننا أن في مصلحتنا، والله عز وجل يصرفه عنا ولا يقدره لنا، لعلمه سبحانه وتعالى خلاف ذلك، فقري عينًا وطيبي نفسًا بقضاء الله سبحانه وتعالى وتقديره، واعلمي أن هذا التقدير هو عين الرحمة وعين اللطف والحكمة، فاختيار الله عز وجل لنا خير مما نختاره لأنفسنا.
اما الحقيقة الثالثة أيتها الاخت الكريمة: تذكري دائمًا أن الدنيا دار عبور وأيام زراعة وليست دار استقرار، وعن قريب سنغادرها جميعًا، وإنما خلقها الله عز وجل لنزرع فيها ما نحصده في الدار الآخرة، وكما قال الشاعر:
إنما الدنيا إلى الجنة والنار طريق *** والليالي متجر الإنسان والأيام سوقُ
فأغلى ما أعطاك الله عز وجل في هذه الدنيا العمر والوقت والليل والنهار، فإذا ضاع منك هذا فقد ضاع رأس المال.
اعلمي جيدًا أيتها الاخت الكريمة أن السعادة الحقيقية والنعيم المقيم الدائم إنما هو جنة عرضها السموات والأرض، وهذه الجنة أقرب إلى أحدنا من شراك نعله، ليس بيننا وبينها إلا أن نموت فينتقل الإنسان إلى جزء من نعيمها في القبر، ثم بعد ذلك ينتقل إلى الخلود فيها. هذه الجنة أعد الله عز وجل فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر لأوليائه وعباده المؤمنين، وهذه الدنيا التي نحن فيها هي أيام العمل الذي يؤهلنا للوصول لتلك الجنات، فكيف يليق بعد ذلك بالمؤمن أو المؤمنة أن يضيع أيام هذه الدنيا من بين يديه دون أن يستغلها فيما يوصله إلى ذلك النعيم المقيم؟
هذه الحقائق الثلاث هي أعظم ما يطرد عنك الهم ويزيح عنك القلق، لتعملي في ضوء هذه الحقائق، ولذا نحن سنقول لك بعض النصائح:
أول هذه النصائح: أحسني الظن بالله تعالى، واعلمي أنه سبحانه وتعالى كما قال عن نفسه: (أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء) فهو سبحانه وتعالى يعمل بعبده ما يظن عبده به.
النصيحة الثانية: لا تيأسي من روح الله ولا من رحمته، فإنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، فلا تسمحي للشيطان أن يتسرب أو يسرب اليأس والقنوط إلى قلبك فتتقيدي عن العمل والإنتاج واستثمار عمرك فيما ينفعك، فإن الله عز وجل يغير الأمور بين غمضة عين وانتباهتها.
الوصية الثالثة: حاولي جاهدة استغلال عمرك فيما يسعدك، فاستغلي هذا العمر بالإكثار من الصلوات، بالإكثار من الاستغفار، فما دمت تسهرين الليل فحاولي أولاً أن تغيري هذا السهر بسهر فراغ بلا عمل إلى سهر في صلاة قيام الليل، وحاولي أن تتهجدي فيه وأن تقومي فيه بما تستطيعين، وبهذا تكسبين خيرًا عظيمًا وتعودين نفسك على الطاعة، وكلما أنس قلبك واستنار في طاعة الله سبحانه وتعالى فتحت أمامه أبواب الأرزاق، ثم طُرد عنه اليأس والقنوط، فكم من إنسان سجين في غياهب السجون يشعر بالسعادة التي لو علم بها غيره لنافسه عليها، وما ذاك إلا لأنسه بالله سبحانه وتعالى.
الوصية الرابعة: غيّري برنامجك اليومي، وحاولي أن تتعرفي على الصالحات من النساء وحضور مجالسهنَّ والاستفادة من خبراتهنَّ، وحاولي أن تضعي لنفسك برنامجًا تستغلين فيه عمرك في حفظ شيء من كتاب الله تعالى، وتعلم دينه، وأكثري من الاستغفار والصلاة، وكوني على ثقة بأن هذا من أعظم أسباب التغيير في حياتك، ومن أعظم أسباب جلب الرزق.
نحن لا نملك أيتها الأخت أن نغير حياتك ولو كنا نستطيع ذلك لفعلنا، لأننا حريصون على إيصال الخير لك ولغيرك ومحبون له، ولكن نتمنى أن تأخذي هذه النصائح بجد وحزم، وتسارعي إلى تغيير حالك، وحينها ستجدين السعادة تفتح أمامك أبوابها، وكوني على ثقة بأن قضاء الله سبحانه وتعالى خير لك مما تختارينه لنفسك، وإذا أراد الله عز وجل لك خيرًا فسيُجريه.
نسأل الله تعالى أن يقدر لكل مهمومة وحزينة ومكروبة الخير حيث كان ويرضيك به. الشيخ احمد الفودعي