أم أن الزوجين لا يمكنهما أن يكونا صديقين؟!
لقد أوقفتني حادثة للحبيب محمد عليه الصلاة والسلام، عندما رأيته يتعامل مع زوجته عائشة رضي الله عنها وكأنها صديقته، وذلك فيما يرويه الإمام مسلم عن أنس بن مالك (خادم رسول الله) عليه الصلاة والسلام قال: دعا رجل فارسي النبي عليه الصلاة والسلام إلى طعام، فقال النبي: أنا وعائشة فقال: لا. فقال: فلا، ثم أجابه بعد، فذهب هو وعائشة يتساوقان، فقرب اليهما اهالة (اللحم السمين).
إن هذا الموقف يعرفنا بمدى العلاقة الحميمة للزوجين ودرجة الحب بينهما، حتى أنهما لا يريدان الاستغناء عن بعضهما البعض، وان كانت الدعوة للزوج إلا أنه اشترط مجيء زوجته معه، ولم يهمه رضى الداعي من عدمه، وإنما يهمه مرافقة زوجته له، إن هذا المعنى من معاني الصداقة في العلاقة، وإذا توفرت هذه المعاني في العلاقات الزوجية أصبحت العلاقة راقية ومتميزة، وليس كل زوجين تتوفر فيما بينهما الصداقة، فأحيانا يتعامل الزوج مع زوجته على اعتبار أنها زوجته وأم أولاده، فلها من الحقوق مالها وما عليها، ولكن مفهوم الصداقة هو التفاني في المحبة والرقة في المعاملة.
فقد كتب صديق إلى صديقه: ((لساني رطب بذكرك، ومكانك في قلبي معمور بمحبتك))، وكتب آخر لصديقه: ((الله يعلم إني أحبك لنفسك فوق محبتي إياك لنفسي، ولو أني خيرت بين أمرين: أحدهما لي وعليك، والآخر لك وعلي، لآثرت المروءة وحسن الأحدوثة بإيثار حظك على حظي، واني أحب و أبغض لك، أوالي وأعادي فيك)).
فهذه من علامات الصداقة وإشاراتها فلو أن العلاقة الزوجية تضمنت علاقة صداقة لا يستغنى كل واحد منهما بالآخر عن الآخرين، فيكون كل طرف هو مركز اهتمامه وصندوق أسراره، يعتمد عليه في المهمات الصعبة، فان سقط رفعه، وان مرض وقف على رأسه، وان احتاج أعطاه، وان طلب لباه، فهذه من علامات الصداقة، فالصداقة قرب قلبي أكثر من كونها قرباً جسدياً.
قال ابن عينية: قال بن عباس رضي الله عنهما: ((القرابة تقطع، والمعروف يكفر، ولم ير كتقارب القلوب)).
والصداقة تنشأ بحسب الحاجة، فنحن نختار أصدقاءنا، وقد يكون في الصديق عيوب كثيرة، ولكننا نطمئن لرفقته وصداقته، ولهذا فان للصداقة ثلاث علامات:
الأولى: التقبل
أي أن أتقبل الطرف الآخر بما فيه من حسنات وسيئات، وأرتاح بالجلوس معه والحديث إليه وأفرح عند اللقاء به، ولعل من أكبر المآسي التي نعيشها في حياتنا الزوجية أن لا يتقبل أحدنا الآخر فهنا توضع الحواجز ويبحث كل واحد عن البديل لبناء العلاقة معه وهنا تبتعد ((الصداقة)) عند أول خطوة في بناء العلاقة.
الثانية: القبول
وهذه هي العلاقة الثانية بعد التقبل، وهي أنني أبحث عن ايجابيات الطرف الآخر، وأركز عليها فيكون مقبولا عندي ويزداد حبي له لأنني أرى الايجابيات والحسنات فيه، ولا أحرص منذ البداية على تغيير السيئات أو إبداء الملاحظات التي عليه، فقد قال أحد علماء النفس (ليس بمقدور أحد أن يقوم إنسانا آخر، ولكن بحبك لهذا الإنسان الآخر على ما هو عليه، تستطيع أن تمنحه القوة لتغيير نفسه).
الثالثة: التقدير
بعد التقبل والقبول يأتي التقدير لاستمرارية العلاقة بين الطرفين.
وتقدير الذات حاجة أساسية ولهذا ركزت عليها كبرى الشركات والمؤسسات الربحية وغير الربحية، عندما رفعت شعار: ((تقدير العميل أهم شئ))، أو شعار ((العملاء دائما على حق))، وكذلك يركز عليها الطفل الصغير، فانه يعمل الحركات الغريبة من أجل لفت النظر، ففي ذلك تقدير له وإعطاؤه الاهتمام بوجوده، وهذا ما نريده من الزوجين، ولهذا عندما دعا الرجل الفارسي الحبيب محمدا عليه الصلاة والسلام، اشترط عليه الرسول الكريم أن ترافقه زوجته، فهذا من كمال التقدير للطرف الآخر، وهذا من التصرفات التي ترفع العلاقة بين الطرفين من علاقة زوجية إلى علاقة صداقة، فتنشأ بعدها كل الأخلاق التي يتمناها الإنسان من الطرف الآخر بسبب وجود علاقة صداقة بينهما، فإذا طلب لا يرد طلبه، وإذا سأل أعطى، وإذا مرض وقف عند رأسه، وإذا احتاج لبى حاجته، وإذا مات كان وفيا له.
ولا يعني ذلك أن الصداقة أعلى مرتبة من العلاقة الزوجية، ولكن عندما يرتبط الطرفان بالعلاقة الزوجية، ثم تكون العلاقة بينهما علاقة صداقة لأصبحا نور على نور
منقول للامانه
وان شاء الله تكون علاقة الكل مع ازواجهم حلوة و سعيدة دوووم و الله لا يغير عليهم