من سنن الله في خلقه أن ينمو كل كائن ويكبر ويستقل ولو نسبيا عن غيره،
ولست أيتها الشابة اليافعة استثناء لهذه القاعدة وهذه السنة
فبالأمس القريب كنت زهرة يستهويك اللهو واللعب مع أقرانك، ألفت في حضن والديك روابط وعلاقات خاصة وورثت عنهم طبائع وعادات.
وها أنت اليوم تتخطين عتبة الزواج نحو عالم جديد لم تألفيه واٍلى وسط اجتماعي غريب عنك بما فيه وبمن فيه.
فكيف يا ترى ستتصرفين مع أهل زوجك وفي مقدمتهم حماتك ؟
أتحسين بالمعاناة والحيرة في علاقتك بها ؟
هل ترغبين في تحسين هذه العلاقة ؟
إن من صفات المرأة الفطرية الرفق والرحمة والصبر واللين.
فهل هناك أولى بهذا من حماتك، أم زوجك ومن هي في مقام والدتك أيتها المومنة ؟
نعم ربما تكونين ممن ابتلي بحماة قاسية، ولكن لا تنسي قسوة الزمن عليها
وهي التي عانت ويلات الجهل والأمية والحرمان، وربما تعسف زوجها وحماتها من قبل،
فلا تضيفي إلى مظلوميتها إهمالك ولامبالاتك أو استفزازك لها،
بل أحسني الظن بها، وأكرمي وفادتها عليك واجعليها تحس بالأمان.
إن حماتك أختي امرأة ككل خلق الله، تفرح وتغضب وتخطيء وتصيب، لها محاسن
فلا تنكريها واعملي على تقويتها وإبرازها،
ولها عيوب كما لك فغضي الطرف عنها ما أمكنك ولا تتبعيها..
لأن ذلك يورث عقوق أبناءك لك.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث رواه الحاكم بإسناد صحيح :
( بروا آباءكم تبركم أبناؤكم).
أدخلي الطمأنينة إلى قلبها وأخرجي منه الشك والارتياب والتوجس،
لتزرعي بدل ذلك الثقة والمحبة.
فالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم يبين لنا كيف أن القلوب جنود مهيأة
وعلى أتم الاستعداد للتآلف، وكيف أن التعارف سبيلها لذلك حيث يقول:
(الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف).
– إن كانت النية الخالصة في تحصيل محبتها هي جوهرها –
ستكون من عملك الصالح الذي تسعدين به في الدنيا والآخرة.
كثيرا ما يكون السكن مع الحماة في بيت مشترك سببا في المشاكل، فإذا كان قرارعدم الاستقلال عن أهل زوجك لعدم استطاعته المادية فكوني حكيمة في اٍدارة حياتك.
اعترفي لها بحقها في مملكتها وشاركيها في خدمة البيت من غير تأفف أو ضيق
حتى تألف وجودك وتلمس منك حرصك على إرضائها،
وإياك أن تشعريها أنك تنازعيها محبة ابنها،
لأن ذلك سيوتر العلاقة بينكما حتما ويفسدها.
فتفقدي أحوالها وتعهديها في الأعياد والمناسبات بالهدية الرمزية التي تدخل الفرحة
إلى قلبها، ولطفي جو البيت بدفء وسحر الكلمة الطيبة الحانية
وليكن شعارك قوله عز وجل:"ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم"
فصلت الآية33.
أن تعظيم الخلق من تعظيم الخالق جل وعلا، فليكن رسولك إليها حسن الخلق والمحبة الغامرة، عسى أن تكون حماتك ممن أرسلهم الله لك ليحمل زادك إلى الآخرة.
روى مسلم عن نواس بن سمعان قوله صلى الله عليه وسلم :
(البر حسن الخلق والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس).
ومن الخلق القويم التوقير والاحترام والتعظيم…
من العوامل ذات الأهمية القصوى في نجاح علاقتك بحماتك، زوجك، فاجعليه طرفا في سعيك، يساندك بأفكاره ويساعدك بماله ويطلعك على ما يخفى عليك من شخصيتها.
ولا تنسي أنه أولى ببرها والإحسان إليها، فاحرصي على أن يشاركك الثواب والأجر.
يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة المائدة :
"وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان".
واعلمي أيتها الحبيبة
أن لا سبيل لكسب مودة حماتك مالم تشعر بك بنتا تفيض عليها محبة وحنوا ولطفا،
لا امرأة جاءت لتسرق منها ابنا طالما تعبت من أجله وعلقت عليه آمالا عريضة.
في كتابه تنوير المؤمنات الجزء الثاني ص 235
متحدثا عن الحماة :
" كوني لها بنتا محبة تكن لك أما.
كوني عاقلة تكن فاضلة.
بكياستك وأدبك ولطفك حصليها في أسرك".
وقبل هذا ومعه وبعده،لاتنسي أختي مخ كل عبادة :
الدعاء،
فاستعيني بالله مقلب القلوب على أمرك
ولا تنسي الدعاء لها بظهر الغيب عسى الله عزوجل أن يؤلف بين قلبيكما.
كوني عاقلة تكن حماتك فاضلة
ولو إني مو على وفاق دائم مع حماتي وصعب علي اتقبل تدخلها في كل جزئيات حياتي
لكن الاحترام واجب ومن غير الممكن ابعدها عن حياتي وعن ابنها. الحمد لله على كل حال
ولازم يكون في موضوع مماثل للحماة فيه نصائح عن كيفية معاملة زوجة الابن
والله يخلي حماتي ولا تتغير ان شاء الله