ووصيتنا اليوم تتناول حدثا مهما قد يحدث في بعض العائلات بين الأقارب وبين الأخوات، وخاصة بين الأزواج.. ألا وهو «الخصام».
وعلى الرغم من أن الخصام كان أسلوبا متعارفاً عليه لمعالجة بعض السلبيات لدى الأطراف الأخرى، إلا أن للخصام آداب تم تجاهلها ونسيانها، وأصبح الخصام يطبق في أسوأ صوره، فأصبحت مدته غير محددة، وآدابه غير واضحة.
وبالرجوع إلى الهدي النبوي في هذا الأمر نجد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث». متفق عليه ونلاحظ هنا أن مدة الهجر لا تزيد على ثلاثة أيام في حديث آخر لأنس، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ».
وهنا نجد أن رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم يؤكد لنا في هديه أن الخصام لا تطول مدته عن ثلاثة أيام ؛لا كما يفعل البعض بأن تستمر مدة الخصام إلى أيام وليال يمتنع فيها كل طرف عن التحدث أو حتى التعامل مع الطرف الآخر بحجة الخصام غير آبه بأثر ذلك على زوجته وأولاده بل وعلى نفسه هو أيضاً.
ويؤكد علماء النفس أنَ الخصام يؤدي إلى تآكل الشخص داخلياً ويجعله في أضعف حالاته المعنوية بل والعقلية أيضاً فالتحدث وتبادل الحوار يزيد من تدفق الدماء إلى المخ وبالتالي ينير مناطق جديدة في العقل ويجعله صاحب أفق واسع وقلب متفتح.
والشخصية التي تجعل من الخصام منهجاً لها وطريقاً لا تحيد عنه لاشك أنها شخصية غير سعيدة ومنعزلة عن الآخرين.. تبالغ في تضخيم المشكلات. ولا يوجد هناك وصف للمتخاصم أبلغ من وصف القرآن الكريم الذي يصفه بأن صدره ضيق حرج تضيق به الأرض بما رحبت!
فكم ممن يعيشون بيننا الآن تضيق صدورهم ولا تنطلق ألسنتهم لأسباب واهية لا تستحق كل هذا العناء لهم ولشركائهم، وما هذا إلا لضعف في الإيمان والبعد عن الهدي النبوي القويم الذي يحثنا على اختصار أيام الخصام والهجر، بل ويذهب إلى أبعد من ذلك بأن يحثنا على البدء بالتصالح، فيقول صلى الله عليه وسلم: «وخيرهما الذي يبدأ بالسلام»، فلا فائدة من طول الخصام ولا طائل من وراء الصمت والسكون، ولنتذكر أنه بالتواصل والكلمة الطيبة تحلو الحياة الدنيا والآخرة كذلك.
يقول تعالى: «ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة، كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء * تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها» ويبشر الله سبحانه وتعالى أصحاب الكلمة الطيبة بالثبات في الدنيا والآخرة فيقول تعالى: «يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء». سورة إبراهيم 24-27.