السلام عليكم و رحمه الله و بركاته
تاريخ النشر: الثلاثاء 04 يناير 2024
خوله علي
الوجه الكلاسيكي هو عنوان هذا المنزل الفسيح الذي يعكس التناغم والتواصل الهندسي البديع بين أجزائه المترامية، إلا أن روح ونمط التصميم العصري يعيش في ثنايها ويحاكي مفردات الأثاث الذي لم تستغن صاحبة المنزل عن وجوده في أحضان منزلها، لتكمل به النسيج المتناغم من النمط الكلاسيكي الذي تتجلى فيه روح العصرنة، فالراحة المكسوة بالأناقة هي غاية ومطلب مهم يسعى له الكثيرون، لتبقى المنازل ملاذاً آمناً وهادئاً، متوجاً بالفخامة الوثيرة المجسدة في أحضان منزل جميلة آل رضا.
يقودنا مدخل الفيلا إلى بهو واسع ترتكز في منتصفها فازة عملاقة نحاسية اللون مزدانة ببعض النقوش، ونظرا لاتساع المدخل، نجد الزخارف والأشكال الفنية مطبوعة على أرضية المدخل مما يمنح المكان ثراءً ويحد من اتساعه، وعند الزاوية الشمالية من المدخل ثمة “كونسول” أسود مذهب تزينه خلفية من المرايا تغطي حيزاً من الجدار، حيث تشير آل رضا قائلة: إن المرآة عنصر حيوي يحرك الجدران الساكنة الصامتة ويجعلها أكثر حياة، عدا عن أهميته النفعية فهي تعتبر الأداة السحرية للمصمم تعينه على خلق أبعاد جمالية في المكان، فيمكن أن يتغلب به على بعض المشاكل والعيوب التي قد تكون موجودة في البناء الهندسي، وذلك من خلال إبراز منطقة معينة وتوجيه الأنظار لها، أو حتى التغلب على مشكلة المساحة، ومنح المكان فخامة وأبعاداً جمالية.
نمط هندسي متقن
بقليل من التمعن نكتشف أن هذا النمط من البناء القائم على الفراغات المفتوحة إنما يجعل من المكان وحدة واحدة لاتتجزأ، وينقلنا من جزء إلى آخر بأريحية تامة، كما أنه يمدنا بالاتساع ويخلو من الفواصل والجدران التي تعوق الامتداد البصري. هذا النظام الهندسي المتبع حالياً تتمثل به هذه الفيلا المصممة على النمط الكلاسيكي الشرقي من خلال فتحات النوافذ والأبواب المقوسة الشكل، إلى جانب الزجاج المعشق الذي تزين به النوافذ الجانبية في المدخل، كما يعلو أيضا الباب الرئيسي، والأعمدة المكسوة بالرخام والموزعة في المكان. فيقابل المدخل سلم حلزوني الشكل مزدان بالحديد المشغول يمكن الانتقال عبره للدور العلوية. وزين قمة السلم قبة مطعمة بالزجاج المعشق مع الجبس وتتدلى منها ثرية من الكريستال.
من الجهة اليمنى للمدخل تقابلنا جلسة يمكن النزول إليها بدرجتين هذه تعد المحطة الرئيسية للضيوف، وهي عبارة عن جلسة للاستقبال تقع في زاوية سداسية الأضلاع، مما حدا بصاحبة المنزل لأن تشكلها وفق طبيعة المنطقة وزواياها، فاختارت جلسة باللون الزيتي ثرية بالكوشينات وبأشكال مختلفة، منها المقلم والمشجر والسادة، وتحيط بالجلسة نافذه واسعة تطل على أجزاء من الحديقة، وتنسدل عليها ستائر رومانية الطراز، كما نجد ملامح السقف قد انعكست أيضاً على تفاصيل الأرضية الرخامية.
الملاذ الآمن
في الجهة الخلفية من الفيلا وبعيداً عن الرسميات والاستقبال، نجد صالة المعيشة التي تعتبر قلب البيت النابض، كونها محطة مهمة لأفراد الأسرة الذين يحتضنهم هذا المكان بكل دفء وحميمية، فلابد أن يتوافر فيها عنصر الراحة والهدوء، لتكون ملاذا آمنا يمكثوا فيها لساعات طويلة من دون كلل أو ضجر. فجاء نمط هذه الفراغ من المعيشة التي تتميز بأجواء من الراحة والاسترخاء من خلال الأثاث الذي يحمل عنصر النشاط في اللون البرتقالي، والذي تكسر قوته وجماحة اللون الأسود، فيخلق نوعاً من التوازن والانسجام بين الأثاث الذي جاء على الطراز الحديث الواسع والمريح والأرضية من الباركية الذي يمنح المكان الدفء المطلوب، ونجد أيضاً الإكسسورات التي تزيد من حيوية المكان وأناقته، من خلال سجادة باللون الأسود تحمل نقوشاً كبيرة تفترش جزءاً من الباركية، تعلوها طاولة من الخشب تحاكي تفاصيل المكان، إلى جانب حاملة التلفاز باللون الأسود وبعض الإكسسوارات التي تثري المكان، وتكتمل هذه اللوح من خلال إطلالتها على حمام السباحة عبر نافذة واسعة يهب منها النسيم العليل الذي يداعب نخليات ارتكزت في صف واحد موازٍ لنافذة صالة المعيشة.
حرية الانسجام
ترى آل رضا: إن الراحة والبساطة مطلبان مهمان ليمدا النفس بمفهوم الاسترخاء وعدم الغوص في الكثير من البهرجة والتفاصيل التي يمكن أن تشتت المرء وتجعله مشدود الأعصاب وحذراً من أن يعرض أي قطعة وتحفة للتلف جراء الارتطام بها، فيكون بذلك شبه مقيد، وهذا الإحساس يجب أن يذوب تماما في هذا المكان بالتحديد. كما أن البساطة والنعومة وفق منظومة الفن الحديث أجده عنصراً ملائماً جداً لصالة المعيشة التي تعد محطة مهمة للجلوس وتبادل أطراف الحديث مع أفراد الأسرة على أن يجمع الأثاث بين الناحيتين الجمالية والعملية بحكم استخدامها بشكل يومي، من حيث استخدامها لعدد كبير من الأفراد، خصوصاً الأطفال لذي يجب أن يتوافر فيها الأمان والسلامة، بحيث يبعد عنهم كل ما من شانه أن يعرضهم للخطر كالتحف القابلة للكسر والزوايا الحادة للأثاث، ومصادر الكهرباء المكشوفة التي قد تكون قريبة وفي متناول يد الأطفال. ولا يمكن أن نغفل عن حقيقة أن الأثاث الحديث أصبح جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية بكل ما يحمله من روح الأناقة المكسوة بالراحة والنعومة المطلقة.
مطبخ كلاسيكي
على مقربة من فراغ صالة المعيشة وعلى التماس مع جهتها الخلفية تماماً يقع المطبخ المفتوح، المكسو وفق النمط الكلاسيكي من خلال الوحدات المصنوعة من مادة الخشب المحروق تتوسطها طاولة طعام، والجدران مكسوة بالبلاط المشمشي اللون متناغمة مع روح المكان وبيئة صالة المعيشة، ويضم هذا النظام “كونتراً” لتناول الطعام مزوداً بمقاعد بحيث يسمح للشخص أن يتناول وجبته بشكل مريح، وفي أحضان صالة المعيشة التي تطل عليه. وترى آل رضا أنه من الضروري عند انتقاء وعمل نظام المطابخ المفتوحة أن تكون إطلالتها على الأماكن العائلية والحديقة، وبعيدة عن أماكن استقبال الضيوف، كما يجب أختيار أثاث المطبخ بحيث يتناسب مع الفراغ الذي يطل عليه، إضافة إلى وجود مراوح شفط قوية تسحب الروائح خارج المنزل، ويفضل أن يكون هناك مطبخ خارجي لاستخدامه في الطبخ. كما يمكن أن نزين جدران المطبخ ببعض اللوح والمعلقات التي تحاكي ألوان صالة المعيشة، مع تزين أسطح الوحدات العلوية ببعض التحف التي تعبر عن روح المطبخ، وتثري تفاصيل المكان. وعلى الرغم من أهمية عنصر الإضاءة في المطبخ إلا أن وقوع المطبخ على مقربة من فراغات واسعة تتسلل إليها خيوط الشمس الذهبية، وتبقى مضاءة طول النهار فمن الأمور الجيدة أن تكون الإنارة طبيعية في فترة الصباح، وفي المساء لابد من الاستعانة بإضاءة تكون عادة مواجهة لدائرة العمل ويمكن أن تحاط بإضاءة خافته فتمنح المكان أجواء حميمية ساحرة.
تفاصيل ثرية
لا يخلو المنزل من التحف والمقتنيات والإكسسوارات التي نجدها عنصراً أساسياً لتزيين ثنايا المنزل وإثرائها، وتؤكد آل رضا قائلة: لا يمكن أن نتخيل المنازل من دون رتوش نهائية تزيدها تألقاً وجمالاً، وتزيد من قيمة وفخامة المكان.
فالتحف عنصر مهم لا يمكن التخلي عنه، حيث لا تكتمل الصورة النهائية من دون أن نثري تفاصيل المكان بقطع من هذه التحف التي تعتبر شغلي الشاغل فلا يمكن أن أمنع نفسي من شراء أي تحفة يمكن أن تساهم في خلق تأثير فني، حيث الركن أو الزاوية التي ستشغلها، وتنوعت هذه التحف بين الفازات، والشمعدانات العملاقة التي وقفت على مقربة من المداخل لاستقبال الزوار في أجواء بديعة ساحرة تترجمها تلك الإنارة الخافتة التي تضيء محيطها فترسم ظلالها على مساحة من الجدران، كما نجد التماثيل التي استخدمتها ووظفتها كحامل أو حافظ لبعض الأواني والتحف الصغيرة.
مشكوره الغاليه على الموضوع