السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تاريخ النشر: الثلاثاء 22 أبريل2020
لكبيرة التونسي (أبوظبي)
استمرار أعراض آلام المفاصل لأيام وأسابيع، لا يعتبر أمراً طبيعياً، ولابد أن يثير اهتمام الآباء والأمهات، والمبادرة إلى استشارة الطبيب المختص. وفي حال تم تشخيص الآلام على أنها التهاب مفاصل (JRA) في مراحله المبكرة، فالجهود العلاجية تنصب في هذه الحالة نحو تخفيف معدل تلف المفاصل، حيث يعد التهاب مفاصل الأطفال المزمن حتى الآن مجهول الأسباب. وهو عادة يحدث في مفصل واحد أو أكثر عند الأطفال ما قبل السادسة عشرة، ويطلق على التهاب المفاصل المزمن مجهول السبب، أو «التهاب المفاصل الروماتويدي»، ووفقاً للأطباء المتخصصين يتم التشخيص عندما يستمر الالتهاب أكثر من ستة أسابيع، من دون وجود تفسير آخر لذلك.
تصنيف
الدكتور الصادق محمد الشريف، استشاري أمراض روماتيزم الأطفال في مستشفى العين، يشير إلى أنه عندما يلاحظ الطبيب وجود علامات التهاب بالمفصل مثل تورم وحرارة موضعية، وشعور المريض بالآلام عند لمس منطقة المفصل وعند الحركة، ويصنف التهاب المفاصل إلى عدة أنواع مختلفة، وكل نوع يتميز بأعراض سريرية مختلفة، وحسب سير المرض، ومآله في المستقبل Prognosis مختلف، وحيث لا أهمية لتشخيص مرض التهاب المفاصل لدى الطفل، إذا لم يتم تحديد نوع المرض المصاب به على وجه الدقة، وحيث يحيطه كثير من الغموض.
ويكمل الدكتور الشريف: «إن هذا المرض يُعرف بروماتيزم الأطفال، لكنه يختلف بشكل كبير عن روماتيزم البالغين أو الكبار. وهناك صعوبة في تجنبه، نظراً لغموض الأسباب، فلو كان معروف السبب، مثل أمراض صمامات القلب والشرايين التي تنتج عن الإفراط في أكل الدهون والتدخين والسمنة وعدم ممارسة الرياضة، لكان تجنبه بتفادي الأشياء المسببة له للتقليل من احتمالات الإصابة به. لكن المشكلة أن سببه غير معروف إلى الآن، لكن في كل الأحوال ننصح الأطفال بممارسة الرياضة وتناول المأكولات الصحية، والتعرض لأشعة الشمس، بقدر معقول للحصول على المستوى الطبيعي من فيتامين «D»، لكن هذه الأمور لا تمنع الإصابة بالمرض».
تداعيات
يرى الدكتور الشريف أن هناك شكوى من ندرة في الأطباء المتخصصين في هذا المجال بشكل عام، ليس على مستوى العالم العربي فحسب، وإنما في الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية أيضاً، ويعود السبب إلى أنه لم يكن هناك وعي تجاه الفرق بين روماتيزم البالغين، وروماتيزم الأطفال فيما مضى، فكان الأطفال المصابون بهذا المرض يتعاملون مع أطباء روماتيزم البالغين، حتى بدأ الوعي تجاه ضرورة تخصص أطباء بروماتيزم الأطفال.
ويضيف الدكتور الشريف: «تشير بعض الدراسات إلى أن الطفل المصاب بالروماتيزم قد تتأذى عيناه وكُليتاه وغيرهما من الأعضاء، فأعضاء جسم الطفل تتأثر وفقاً لاختلاف نوع الروماتيزم، حيث توجد علاقة بين التهاب العيون والتهاب المفاصل أو الروماتيزم. وتكمن المشكلة في أنه لا تظهر أي أعراض على العين مثل الاحمرار أو الألم وإنما يشعر الطفل بتراجع في قوة ودقة إبصاره، ويجب تحويل الطفل إلى طبيب العيون للفحص والمعالجة فور الشكوى، والمتابعة الدورية قبل أن تتدهور الحالة. أما بالنسبة لمشاكل الكلي، فهي تترافق مع نوع معين من أمراض المفاصل ويسمى «سيستيمك أونسيت» الذي يؤثر على الجسم وأجهزته وأعضائه بصفة عامة، وليس فقط على المفاصل، فيمكن أن يؤثر على القلب والرئتين والكلى والجلد، لكن من حسن الحظ أن هذا النوع نادر مقارنة مع باقي أنواع مرض روماتيزم الأطفال».
تأثيرات العلاج
يقول الدكتور الصادق: «إن المرض وعلاجه له تأثيرات كثيرة منها ما له علاقة بالمرض وأخرى لها علاقة بعلاج المرض، فمن الأشياء المتعلقة بالمرض أنه يؤثر على العيون كما ذكرنا سابقاً، أما التأثير على النمو فيمكن أن يؤدي إلى تأخير نمو الطفل، خاصة إن كان من نوع «سيستيمك أونست»، شأنه في ذلك شأن أي مرض مزمن. وبالنسبة للعلاج، فله أعراض جانبية مثل تأثيره على النمو وبالأخص الأدوية المحتوية على مادة الكورتيزون، أو الأدوية الأخرى التي تؤثر على جهاز المناعة وتزيد من قابلية الطفل للالتهابات والمشاكل الأخرى، مثل التأثير على وظائف الكبد والكلى. ولذلك عندما نبدأ العلاج عادة نقوم بإجراء تحاليل دورية لاكتشاف الأعراض الجانبية في مراحلها المبكرة لنتعامل معها بصورة فورية».
تجنب المرض
يؤكد الدكتور الصادق أنه لا توجد نصائح معينة أو طرق يجب اتباعها لتجنب المرض، وأوجز بعضها في اتباع أساليب معينة لا تمنع من الإصابة بهذا المرض، لكن يمكننا أن نقدم لهم النصائح العامة التي ذكرناها مثل تناول الأكل الصحي وممارسة الرياضة والتعرض للقدر الكافي من أشعة الشمس، مع العلم بأنه ليس هناك علاقة مباشرة مع نقص تعرض الطفل للشمس، ولكن إذا كان الطفل يعاني من روماتيزم الأطفال ومن نقص في فيتامين د (D) فبالطبع ستكون المشكلة أكبر، وذات صلة بمسألة الشمس.
قدرة فكرية
فيما يبديه بعض الآباء تخوفا من تأثير روماتيزم الأطفال على المستوى العقلي للصغار، يقول الدكتور الصادق: «ليس هناك علاقة مباشرة بين أمراض الروماتيزم ونشاط الدماغ أو التفكير، لكن إذا كان الطفل مصابا بأي مرض كالربو مثلاً سيكون الجسم متعباً وبالتالي يواجه الطفل صعوبة في التركيز، وإذا كان مرض الروماتيزم في قمة نشاطه، أي أن المفاصل كانت ملتهبة بشكل كبير، فبالطبع سيقل تركيز الطفل لأن معظم تركيزه ينصرف إلى الألم ومشاكل قلة الحركة وتعب الجسم، ولكن بمجرد أن يأخذ العلاج تصبح حركته طبيعية وكل وظائفه الجسدية تعود لطبيعتها».
ويكمل الدكتور الصادق: «هناك حالة نادرة، فقد أصيب طفل عمره 3 سنوات بحمى مفرطة، مع زرقة شديدة، ودام ذلك أكثر من 40 يوما، مع تشنج في الحركة،من دون ظهور أي أسباب واضحة لذلك، وتم تشخيص ذلك على أنه روماتيزم أطفال، ولم يصف له الطبيب أي دواء إلا شراب «البروفي»، وتناوله الطفل مدة تزيد على 4 أشهر بحصة 3 مرات في اليوم، ومن معاينة الحالة، ومادام هناك حمى فيمكن أن نفكر في الإصابة بمرض «سيستيمك أونست»، ومن ثم يعاد النظر في البرنامج العلاجي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته