إنّ رابطة الاُخوّة بين الأبناء تقوم على أساس العلاقة النسبيّة والعقيديّة، وعلاقة العيش في ظلال الأبوين في بيت واحد .. وبذا فهي رابطة قويّة متينة، وتعميقها وترسيخها دليل على تفهّم الاُخوان لمعنى الاُخوّة، ودليل على رقيّ وضعهم الاخلاقي .
والاخوة في الاُسرة يعيشون متفاوتين في السنّ والجنس (ذكوراً وإناثاً)، وفي المستوى الثقافي والفكري .. وفي الحالات النفسية والصحِّية والميول والمؤهِّلات الذاتية ..
إنّ الاعمال التي تحقِّق الحبّ والانسجام في العلاقة اليوميةهي:
1- التحيّة .. فالتحيّة هي مفتاح القلوب ; ذلك لا نّها تُعبِّر عن الحبّ والاحترام والعلاقة الودِّيّة .. وهي تزيل ما في النفوس من غموض، أو أذى وعدم الرضى ..
إنّ إشاعة التحيّة بين أفراد الاُسرة تشيع المودّة والاحترام، ولأهمِّية التحيّة في العلاقات البشريّة، نجد الرسول الهادي محمّد (صلى الله عليه وآله وسلم) يحثّنا على إفشاء السّلام، وأداء التحيّة ; لا نّها الطّريق إلى القلوب .. والكلمة التي تزرع الحبّ في النفس .
قال الرّسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم) : «لاتدخلوا الجنّة حتّى تحابّوا، ولاتحابّوا حتّى تؤمنوا، أوَلا أدلّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم، أفشوا السّلام بينكم» .
ويعلِّمنا الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) أدب التحيّة بقوله: «خيركم مَن يبدأ صاحبه بالسّلام» .
2-مأدبة الطّعام الواحدة التي يجتمع من حولها الوالدان والاُخوة .. إنّما هي مائدة ومشاركة فعليّة في الحياة .. إنّهم يتناولون الطّعام، ويتبادلون الاحاديث الودِّيّة من حول المائدة .. بل ويشاركون في إعدادها برحابة صدر وسرور ..
إنّها ليست مُشاركة في تناول الطّعام فحسب، بل ومُشاركة في العواطف والمشاعر ..
3- إنّ بعض الاُخوة قد يكون متفوِّقاً في دراسته، أو متقدِّماً على اُخته أو أخيه في هذا المجال .. فمن حقّ الاخ على أخيه أن يساعده على تعلّم بعض الدروس، أو يعلِّمه خبرة أو فنّاً .. كالخطّ أو الرّسم أو الخياطة، أو استخدام الكومبيوتر … إلخ، أو يرشده إلى تجاوز المشاكل والتغلّب على الصّعوبات ..
4- وقد يكون أحد الاُخوة قد توفّرت له فرص العمل، والحصول على دخل مناسب، ولم يزل أخوه، أو اُخته بحاجة إلى مساعدته الماليّة .. فمن حقّ الاُخوّة، ومن الاحسان الّذي يحبّه الله سبحانه، أن يساعد إخوانه وأخواته، فيخفِّف عنهم، وعن أبويه تكاليف الحياة.
5- إنّ بعض أبناء الاُسرة قد يكون عصبيّاً، أو حسّاساً، ووضعه في الاُسرة يثير مشاكل مع بعض إخوانه أو أخواته، أو قد يتكوّن عنده شعور غير صحِّي تجاههم، وقد يطلق كلمات جارحة، أو يقوم بعمل مُثير للغضب .. وقد يردُّ الاخ على أخيه بالمثل، فعندئذ تتوتّر العلاقة في الاُسرة، وتتعقّد الاجواء، وتتطوّر المشكلة ..
وعندما تحدث مثل هذه الحالات ينبغي تقدير ظروف الاخ، أو الاُخت النفسية، أو العصبية، وأن يُقابَل الغضب والانفعال بهدوء، ودونما مواجهة، ثمّ نعود بعد فترة ساعات، أو في اليوم التالي، فنبحث معه المشكلة المباشرة، أو من خلال أحد الأبوين أو الاُخوة، أو الاصدقاء .. ونعمل على حلِّها ..
6- إنّ العفو والتسامح والسيطرة على النفس عند الغضب، موقف أخلاقي يكشف عن قوّة الشخصية، وسلامة النفس من الحقد والروح العدوانية .. لقد امتدح القرآن الكاظِمين الغيظ والعافين عن الناس، واعتبر ذلك إحساناً منهم وعطفاً على الآخرين .. قال تعالى :
(الَّذِينَ يُنْفِقونَ في السَّرّاءِ والضَّرّاءِ والكاظِمينَ الغَيْظَ والعافِينَ عَنِ النّاسِ وَاللهُ يُحِبُّ المحسِنِين ). ( آل عمران / 134 )
7- الهدايا بين أفراد الاُسرة تجلب المحبّة وتوطِّد العلاقة، فالهديّة تُعبِّر عن شعورك تجاه الآخر، كما تُعبِّر عن الاهتمام والتكريم، والرّغبة في الودّ . لذا نجد الرّسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول : «تهادوا تحابّوا» .
فهديّتك كتاباً مناسباً، أو محفظة صور، أو ساعة … إلخ، لاُختك، أو أخيك تترك أثرها النفسي فيه ..
8- الانسان خُلِقَ ناطقاً، وبالنطق يُعبِّر عن أحاسيسه ومشاعره .
إنّ هذه الاحاديث تزيد في ثقافة الفرد.. وتعوِّده على حياة الانفتاح، والاهتمام بشؤون المجتمع والثقافة، وتُبعِده عن الكآبة والانطواء، وتكوِّن جوّاً من التفاهم، وإزالة حواجز الانغلاق والتوتّر النفسي، وتوفِّر حالة من الانسجام والمودّة .. كما تُساهم تلك الاحاديث في توحيد ثقافة العائلة، والتقارب الفكري بين أفرادها ..
منقول
تقبلي مروري ,,