تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » العنوان: "العنوسة … حطمتني"

العنوان: "العنوسة … حطمتني"

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

العنوان: "العنوسة … حطمتني"
المجيب: فيصل بن عبد الله الحميقاني
مدرس بمدارس رياض الصالحين.
التاريخ الأحد 18 شوال 1445 الموافق 20 نوفمبر 2024
السؤال:

نحن العوانس كثيراً ما تُطرح القضية وتذكر الأسباب أنها تعود لغلاء المهور، أو تعنت بعض الأولياء أو الفتاة نفسها، مع أن كثيراً من الفتيات حصرن بين جدران البيوت لا لشيء إلا لأنه لم يتقدم خاطب، أو لا توفق بالقبول، ناهيك عن نظرة المجتمع لنا وكأننا وصمة عار، فتجد إذا ما ذكر في المجلس قضية الزواج وجدت الأنظار تحيط بنا، إضافة إلى عدم تقبل شرائح النساء لنا، فإن جلسنا مع النساء وشاركناهن في الحديث رمينا بالجرأة وقلة الحياء أو عدم الخبرة، وإن جلسنا مع من هن أصغر منا، قيل لنا: لماذا تجلسن معنا أنتن عجائز؟.
شيخي الفاضل: أريد توجيه كلمة للمجتمع، وهي أن عدم زواجنا ليس بأيدينا، والله أصبحت أفكر بالانتحار تارة، وتارة أفكر بتعاطي المخدرات، وإن كنت لا أعرف لها طريقاً؛ فأنا من أسرة محافظة، وما ذاك إلا بسبب نظرات أهلي لي كلما ذكرت العنوسة، أو ذكر الزواج، أو كلما تزوجت واحدة من بنات إخوتي ممن حملتهن على يدي، وأنا لا أزال عانساً، سئمت من القول اصبري ولا تيأسي، وأصبحت أكره أهلي بل نفسي، بل أكره كل من يتحدث عن هذه المشكلة.

الجواب:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقول وبكل صراحة وصدق للأخت الكريمة ومن هن على شاكلتها من الأخوات الكريمات العفيفات: أنتن مفخرة لمجتمعنا، نباهي بكن مجتمعات العالم أجمع، أتدرين لماذا؟ الأسباب قد تغيب عن بالك أحياناً، ولكنها لا تغيب عن بال كل عاقل منصف، منها:
1- أنكن مضرب مثل للمرأة العفيفة التي ليس لها زوج، لكنها لم تفكر في الوقوع في الرذيلة يوماً ما، مع أن مثيلاتها في كثير من المجتمعات المنحلة ربما عوضن الزوج بعشيق فاجر مثلها.
2- إنكن مضرب مثل للمرأة الصابرة المحتسبة.
3- إنكن مضرب مثل للمرأة الراضية بقضاء الله وقدره، الفرحة بالأجر الذي يأتيها بغير حساب "إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب".
يا مفخرة نسائنا: ألا ترضين بزوج يختاره الله لك في الجنة، ليس كرجال الدنيا!!
نعم يا أختي الفاضلة: نحس-والله- بكثير مما تشعرين به، من رغبة في زوج تسكنين إليه وطفل تلاعبينه، أتظنيننا بغير مشاعر؟! أنت أختنا المصونة وبنتنا الكريمة، فكيف لا نحس بك؟!
أنت جزء مهم في المجتمع، وعنصر فاعل فيه، وسأبرهن لك ذلك، بالطبع تعرفين عدداً من النساء –مثلك- لم يقدر الله لهن الزواج، أو مطلقات أو أرامل، لكنهن لما فقدن الحياة الزوجية كن شعلة من النشاط والحيوية في العلم والدعوة والعبادة ومساعدة الآخرين و…و… وربما لو كانت إحداهن متزوجة لما استطاعت أن تعطي العطاء الذي ترينه.
صحيح أن عدم وجود الزوج لم يكن بيدها، لكنها تعاملت مع واقعها بصورة إيجابية فعالة، عادت عليها بالنفع في الدنيا والآخرة.
فأنت –بارك الله فيك- جزء فعال في المجتمع إذا صرت شجاعة وتعاملت معه كما كتبه الله لك.
فأنا قد اختلف معك نوعاً ما في تقييمك لنظرة المجتمع إليكن، نعم هناك فئات قليلة ينطبق عليها ما تقولين، لكن الغالبية ليسوا كذلك.
ولي مع بعض ما ذكرته في سؤالك وقفات:
1- كثير منكن –كما ذكرت- لم يتقدم لخطبتها أحد، أو يتقدم غير الأكفاء، وهذا أمر بحسب نظرتنا البشرية يسؤونا، لكن ألا تظنين أننا لو نظرنا إلى الأمر من زاوية أخرى لتغيرت نظرتنا، أعني زاوية أن الله هو الرزاق، يزوِّج هذه ويمنع تلك، ويهب لهذه الأولاد، ويجعل من يشاء عقيماً، ويغني ذلك ويفقر هذا وهكذا، فهذا أمر الله، ولا تدرين لعل الله صرف عنك بلاءً عظيماً لا تطيقينه لو أنك تزوجت. الله أعلم.
2- ربما أصبتِ في تقييم نظرات بعض الناس إليك عند ذكر الزواج، ولكن غالبية النظرات نظرات بريئة، وكنت أنت حساسة تجاهها، ففسرتيها بناء على معطيات تظنينها، وهي ضرب من الوهم.
3- لا أتفق معك أن الكلام في شؤون الأولاد أو العلاقات الزوجية يجعل من النساء ينظرن إليك نظرة دونية، إلا أن يكون الكلام فيه تصريح بكثير من الأمور التي يسوء ذكرها في علاقة ببعضهم بغير فائدة، وهذا خدش للحياء للمتزوجة وغير المتزوجة.
4- هذه دعوة لأولياء البنات بأن يجعلوا بناتهم يعشن حياتهن كغيرهن من النساء، فتسافر المرأة مع محارمها السفر النظيف البريء، وتزور زميلاتها الثقات، وتذهب لدور القرآن و…و…كغيرها من النساء، ولا تمنع إلا بما يمنع منه المتزوجات، فهن سواء.
لكن ثقي -يا أختي- أن وليك عندما يمنعك فهو يرى أمراً قد لا ترينه أنت، ولا يفعل ذلك إلا لمصلحة هو يراها –هذا في الغالب-، فهم مثلاً لا يريدون أحداً يتكلم في حقك بلمز أو همز، فهم مستعدون بالتضحية بكل شيء لحفظك وصيانتك فاعذريهم.
5- حاشا فتاة مثلك تفكر بالحرام –انتحار أو مخدرات أو غيرها- فأنت المؤمنة التي عرفت أن الدنيا دار بلاء وامتحان، فاحذري أن ترسبي في هذا الامتحان الصعب. والحمد لله أن الله وفقك لأسرة محافظة تعينك على الخير.
6- لا تسأمي من كلمة اصبري، لأن الله هو الذي أمرك بها: "واستعينوا بالصبر والصلاة" فنحن نطبق أمر الله.
7- عليك بكثرة الدعاء، والالتجاء إلى الله، فمناجاة الله لها لذة عجيبة تفوق لذائذ الدنيا كلها، إن صدرت من قلب صادق.
8- عندما يتكلم أحد عن مشكلة تأخر الزواج فهو يريد حل هذه المشكلة وتقليلها، فما الذي يغضبك في ذلك؟! كلنا نريد الإصلاح، فكوني معنا على هذا الطريق.
يا حي يا قيوم يسر أمرها، وفرج كربها، وارزقها من حيث لا تحتسب.

للرفع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.