يدخل هذا المعلم المبدع مدرسته بنفسية وهمة وطموح عال للغاية، فهو متيقن من أنه يؤدي رسالة عظيمة ويسهم في تأسيس جيل واع وطموح يخدم دينه ووطنه ومجتمعه، ويغرس في نفوس هؤلاء الطلاب أخلاقاً زاكية عطرة لا يتركونها بإذن الله في المستقبل. ودّع صاحبنا الكسل وترك الخمول والإحباط ، فمهما كانت نظرة الناس سلبية لوظيفة المعلم أو أي شخص يقوم على العملية التربوية فليس المقصود إرضاء الناس، بل المقصود إرضاء الله، وأن أكون مقتنعاً بالوظيفة المهمة التي أقوم بها، يسلّم على الطلاب ويبتسم لهم ويضاحكهم ويعطف عليهم، فهو كالوالد في هذه المدرسة، جاء إليه الطلاب من بيئات مختلفة، فهذا الطالب يعيش في ظروف مادية صعبة وذاك يعيش في ظروف أسرية مضطربة، لكنه المعلم الناجح الذي يتمكن من احتواء جميع هؤلاء الطلاب على اختلاف ظروفهم ويغرس فيهم مكارم الأخلاق، ويعطف عليهم ويرحمهم، ويذكّر نفسه: ألم يحثنا نبينا عليه الصلاة والسلام على الرحمة بالصغار؟ ما أجمل أن أسير على طريق المصطفى عليه الصلاة والسلام.يعيد ويكرر لهم الدرس بطريقة جذابة جميلة، فليست المسألة عنده وفرة الآلات والأجهزة الحديثة بقدر ما تكون المسألة جداً وهمة وإتقاناً في إلقاء الدرس، وفي أثناء الدرس يدرك جيداً أن هؤلاء الطلاب مهما كانوا على درجة عالية من الشغب والفوضى فهم في النهاية بشر لهم مشاعر يمكن أن تؤثر فيهم الكلمة الطيبة والاحترام المتبادل والتقدير والتكريم، بل حتى العقاب يتفنن فيه، فلا يمكن أن يستخدم الضرب بل له أساليب تربوية جميلة في العقاب، فأحياناً لا يكلم الطالب وأحياناً ينظر إليه نظرة المغضب، وأحياناً يصارحه بعد الدرس ويعاتبه بلين ورفق. وفوق هذا يدعو هذا المعلم ربه جل جلاله أن يصلح هؤلاء الطلاب وأن يعينه على مهمته ورسالته. هذه نوعية أيها القراء الكرام من المعلمين الأفاضل الذي حملوا على عاتقهم أداء رسالة التربية والتعليم في فصول المدرسة التي سيتخرج فيها الأجيال، وستتخرج فيها الطالبات اللاتي سيكون لهن الدور الكبير في المجتمع لإعداد وتربية الأجيال، فلا تحتقروا وظيفة ومهنة التعليم، ولا تعش أيها المعلم الكريم في جو متشبع بالسلبية والإحباط، فأنت على خير عظيم جداً، وكلنا يذكر إلى الآن بعض المعلمين الأفاضل كنا نشتاق لدروسهم وحصصهم بسبب حسن أخلاقهم وإتقانهم في أداء رسالتهم. ولاشك في أن لمدير المدرسة دوراً كبيراً جداً في إنجاح عملية التربية والتعليم، فمن الخطأ أن يكون المدير جالساً في مكتبه متذرعاً بكثرة الأعمال المكتبية ولا يشارك فريق العمل أداء رسالة التربية والتعليم، أيها المدير الكريم، شجع فريق العمل من المعلمين والإداريين والمشرفين، وبث فيهم روح الحماسة والجد والاجتهاد، فأنت ربان السفينة في فصول المدرسة، واستمع لطلابك فقد يتكلم الطفل الصغير بحكم ودرر يعجز عنها الرجل الكبير.وكذلك الإخوة والأخوات في وزارة التربية والتعليم والمناطق التعليمية، عليكم ببث روح الحماسة والطاقة الإيجابية في نفوس الجميع، فالكلمة الطيبة من أعظم المفاتيح
للوصول لجميع القلوب.
بقلم عبدالله الكمالي