تاريخ النشر: الثلاثاء 28 ديسمبر 2024
خوله علي
لقد أعتدنا أن نرى الأرضيات الرخامية والحجرية بأشكال وتصاميم زخرفية متنوعة، تزين المداخل وغرف الاستقبال، ولكن هذه التفاصيل لم تختص بها الخامات الحجرية فقط بل نجد الآن الكثير من التشكيلات والزخارف بفنياتها وتصاميمها قد شكلت بخشب الباركيه أو الألواح الخشبية التي انفردت عن غيرها من الأرضيات، فأطلقت الراحة والأناقة والنظافة والدفء التي قد تفتقر إليه الأرضيات الأخرى. وشكلت به نماذج فنية ثرية، مما أشاعت جوا من الفخامة والرقي في ثنايا المنزل.
حول فنيات ونمط اختيار الباركية الذي تسلل إلى الكثير من المنازل، وأصبح الكثيرون يفضلون تواجده ضمن ديكور منازلهم. كان لنا هذا اللقاء مع مهندسة الديكور منى مطر من إحدى الشركات المتخصصة في أعمال الأرضيات الخشبية الباركيه.
تقول مطر: تعتبر الأرضية المصنوعة من الخشب من أكثر الأنواع انتشارا فهي توحي بالأناقة والجمال. الباركيه عبارة عن أرضيات خشبية عرفت أولا عام 1684 في فرنسا وتطورت شيئا فشيئا حتى اصبحنا نرى أنواعاً مختلفة ومتعددة منها، وهي تختلف حسب نوع الخشب المستعمل، ومع مرور الأيام ابتكرت منه نماذج متنوعة وأشكال عديدة بتصاميم فنية رائعة، وتشكيلات زخرفية مثيرة، كأنها لوحة مرسومة بدقة على الارضيات. وظل الباركيه متميزاً عن الانواع الاخرى من الارضيات التي تجلب الراحة والهدوء، وهما سرعان ما يتسللا ليخالجا الكثيرين من من اختاروا أن تفرش منازلهم بالباركيه، ليكون جزءاً من ديكور المكان، ويحيط الساكنين بالدفء والراحة الممزوجة بالاناقة والفخامة، بحيث يكون ذلك كله سمة من سمات هذه المنازل.
بساطة فارقة
قد نجد أن بعض المنازل تفتقر لبعض الاعمال الديكورية، ولبعض مفردات الأثاث المتسمة بالبساطة التي قد تشغل ثنايا المكان، إلا ان وجود الباركيه أو الارضيات الخشبية يحدث فرقا ملحوظا في المكان وتبث تأثيرات جمالية أنيقة ممزوجة بالفخامة، فسرعان ما يدب فينا احساس بمدى ارتباطنا بهذا المكان، ويتسلل إلينا نوع من السكينة والراحة، فيما نحن نسير ونخطو عليها. ويعد خشب الزان والسنديان الأحمر والأبيض من أكثر الأنواع استخداما في تركيب الأرضيات، وللخشب مرونة طبيعية، لذا يعتبر المشي فوقه مريحا، كما انه مادة عازلة طبيعية، ويدوم طويلا إذا ما اعتني به جيدا، كما تسهل المحافظة عليه..
أناقة وثراء
تضيف مطر: هناك أنواع مختلفة من الأرضيات الباركيه، ومنها الصلب وهو الأفضل نظرا لقوته ومتانته وتحمله الظروف البيئة الصعبة كالرطوبة والحرارة بالاضافة إلى فخامته واناقته وثراء مظهره وتختلف أنواعها ومصادره، وفقا للمناطق والغابات التي جلبت منها فهناك الأخشاب التي تأتي من أفريقيا وأميركا الوسطى وكندا وغيرها الكثير، ولكل منطقة نجد أن هناك أخشاباً تتميز بخصائص والوان مختلفة ومتباينة، بدءاً من تدرجات البني والاسود والاحمر وهنالك أيضاً أخشاب طبيعية بلون البنفسجي، ولو توقفنا قليلا عند أنوع هذه الأخشاب الصلبة والمتينة فسنجد خشب الزان والسنديان الأحمر والأبيض من أكثر الأنواع استخداما في تراكيب الأرضيات. وهو يعتبر خشبا من أقوى الخامات التي تصلح لعمل الأرضيات، ويمتاز بطول عمره، ويمكن أن نتعرف عليه بسهولة من بين أنواع الأخشاب المختلفة بلونه المائل للوردي. أما الأرو فهو ينافس الزان في متانته ومميزاته السابقة، ويتفوق عليه من حيث شكل الثمرة وتفريعاتها، إذ يميل لونها للبيج الصريح. أما الباركية الـHDF فهو عبارة عن ألياف من الخشب تعرضت لضغط عال تلصق على سطحه قشرة من الخشب، ويرص بطريقة النقر واللسان، وتتميز أرضياته بأنها ذات سماكة رفيعة جداً، وسهلة التركيب وهي تخرج من تحت قائمة ألوان الباركيه التقليدية، حيث تحتوي على سيلاً من ألوان الطيف كالأحمر والأخضر والأصفر مما يجعلها تناسب اتجاهات البيوت المودرن، خاصة في غرف النوم والاستقبال، بينما يفضل الابتعاد به عن الحمامات والمطابخ. والنوع الاخرة laminate وهو مصنوع من نشارة الخشب، أو من مواد بلاستيكية، وهذا النوع سهل التمدد ولا يتمتع بمميزات الخشب الحقيقي مما يعرضه للتلف سريعا. أما الخشب الصلب القوي المتين فهو يعمر طويلا ويدوم لسنوات عديدة تصل أحيانا لاكثر من مئة عام، وهذا ما نجده في القصور الاوروبية القديمة، اما الانواع الاخرى فالعمر الافتراضي لها قصير جدا، إذ يمكن تتلف بسهلة وبسرعة إذا ما تعرضت للماء والخدش.
لوحة فنية
تستكمل مهندسة الديكور حديثها قائلة: أصبح هنالك العديد من التصاميم والأشكال التي يمكن أن تنفذ على لوح الباركيه بدءاً بالأسلوب الذي يمنح الخشب تصميما معينا أثناء التركيب بطريقة قد تكون بسيطة نوعا ما ولكنها تظهر بنتيجة رائعة، إلى التصاميم الأكثر تعقيدا من خلال اعتمادها على بعض الرسوم ثم تنفيذها عبر آلة الليزر لتعطي دقة متناهية في عملية التنفيذ، تخلق إيقاعاً جمالياً بالغ الأثر، لنحصل في نهاية الأمر على لوحة فنية مطبوعة على الأرض. وما يقوم به المختصون في عملية التصميم بالليزر على الباركيه هو انتقاء أي فكرة وتحويلها إلى نماذج فنية ولوحة تضم الكثير من التفاصيل والزخارف والأشكال الهندسية إلى جانب الزخارف الإسلامية، وتصاميم نباتية أيضا، إضافة إلى العديد من المفردات الجمالية التي تنسجم مع روح المكان ونمطه، وبما يتماشى مع ذوق ورغبة صاحب المنزل، حيث نجد أن الأرضيات الخشبية الباركيه برزت فيه العديد من التصميمات الحديثة، ومنها انتشار الرسومات بألوانها المختلفة التي يمكن أن تشكل على مساحة معينة من الأرضيات وايضا يمكن أن تغطي الجدران وأيضا الأسقف، التي لابد أن تحاكي الأرضية لخلق جانب من التناغم والانسجام مع مظهر المكان وشكله. ويمكن أن نضع الباركيه الخام منه في معظم الأماكن سواء في المنازل والقصور والفنادق والصالونات والغرف إلى المتاجر وصالات العرض والمسارح، وعادة ما تناسب الأرضية الخشبية غرف الاستقبال والمداخل، فهي تشيع جواً من الفخامة والأناقة على أرجاء المكان.
انسجام مع المكان
تؤكد مطر قائلة: لابد من أن يتأقلم لون الباركيه وتفاصيله الجمالية، من حيث زخارفه ونقوشه، مع المكان الذي سيأخذ مساحة منه، فيمكن أن نشكل نماذج فينة رائعة عند مدخل الفيلا بشكل زخرفة دائرية أو مربعة، وهذا يتوقف على شكل وتصميم الاسقف جبسية كانت ام خشبية. ويتم تغطية الارضيات بقطعة موحدة من الباركيه بلون افتح قليلا ثم يتم عمل زخرفة في منتصف المكان، ويجب أن لا تغطى بل تكون ظاهرة للعيان، كما يمكن أن توزع بعض النقوش في سلسلة متتابعة من الزخارف وهذا ينفذ عادة في المساحات الواسعة من المنازل حتى تثري هذا الاتساع الشاسع. أما في الأماكن الضيقة وذات المساحة الصغيرة فلا بد أن نبتعد عن التشكيلات الفنية والأعمال الزخرفية الغنية حتى لا نخلق تأثيرا بضيق وصغر المساحة، هنا يمكن أن نستخدم تصميم سادة من أرضيات الباركيه. ولابد أن ينسجم مع مفردات الاثاث ولونه، ومع أن الباركيه قد شغل كل ثنايا المنازل إلا أن لوجوده في غرف النوم إيقاعاً جمالياً وقيمة وظيفية خاصة، كونه يفرض على المكان حيوية متميزة ويمنح الدفء والراحة في الغرف والنظافة أيضا، كما أنه ليس له أيه آثار صحية ضارة لمرضى الحساسية الذين قد يتحسسون من الأرضيات المفروشة بالسجاد أو الموكيت التي تكون عرضة لتجمع الغبار والأتربة، كما تحتفظ الأرضيات الخشبية بحرارتها الطبيعية على مدار العام، فيكون دافئا في الشتاء، وعادة ما تصنع هذه الأرضيات وتتركب من عناصر طبيعية، مما يزيد من جودتها وقوة تحملها، فهي مناسبة جدا لغرف الأطفال وغرف النوم والمعيشة التي تعتبر نبض البيت ومكانا يجتمع فيه العائلة فلابد أن تتوفر فيه أجواء حممية دافئة.
الصيانة ضرورية
حتى يصمد الباركيه لأطول فترة زمنية ممكنة، تشير مطر: لابد من إزالة الغبار من خلال استخدام مكنسة ذات رأس ناعم كي لا تكون عرضة للخدش، ثم يتم مسحه بفوطه رطبة قليلا، ومن المواد المستخدمة في عملية تلميه الباركية مادة polyenuyhane وهي مادة ينطوي عليها حماية سطح الخشب، وايضا ستخدام hand wen oil وهو زيت طبيعي عادة ما يعطي مظهرا طبيعيا للباركيه، وفي حالة تعرض الباركيه للخدش تتم عملية تنعيمه وإعادته إلى صورته ومظهرة الجديد بتعريضه لآلة خاصة لازالة الخدوش. ثم يتم وضع معجون عليها ويعاد دهنها وتلميعها مجدداً وهذا النوع من الصيانة لا يتم إلا على الخشب الصلب. فلابد من حماية الباركيه ووقايته من الأتربة والحبيبات الرملية، ومن المياه والسوائل التي يؤدي تراكمها إلى تآكله، كما لابد أيضا الابتعاد عن استخدام المنظفات المركزة لأنها تضر بالطبقة العلوية الملمعة من الأرضية.